فصل: المسألة الثانية: في المراد بهذا العهد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.مسألتان في قوله تعالى: {والموفون بِعَهْدِهِمْ إِذَا عاهدوا}:

وفيه مسألتان:

.المسألة الأولى: في رفع {والموفون}:

قولان أحدها: أنه عطف على محل {من آمن} تقديره لكن البر المؤمنون والموفون، عن الفراء والأخفش الثاني: رفع على المدح على أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره: وهم الموفون.

.المسألة الثانية: في المراد بهذا العهد:

قولان:
الأول: أن يكون المراد ما أخذه الله من العهود على عباده بقولهم، وعلى ألسنة رسله إليهم بالقيام بحدوده، والعمل بطاعته، فقبل العباد ذلك من حيث آمنوا بالأنبياء والكتب، وقد أخبر الله تعالى عن أهل الكتاب أنهم نقضوا العهود والمواثيق وأمرهم بالوفاء بها فقال: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} [البقرة: 40] فكان المعنى في هذه الأية أن البر هو ما ذكر من الأعمال مع الوفاء بعهد الله، لا كما نقض أهل الكتاب ميثاق الله وما وفوا بعهوده فجحدوا أنبياءه وقتلوهم وكذبوا بكتابه، واعترض القاضي على هذا القول وقال: إن قوله تعالى: {والموفون بِعَهْدِهِمْ} صريح في إضافة هذا العهد إليهم، ثم إنه تعالى أكد ذلك بقوله: {إِذَا عاهدوا} فلا وجه لحمله على ما سيكون لزومه ابتداء من قبله تعالى.
الجواب عنه: أنه تعالى وإن ألزمهم هذه الأشياء لكنهم من عند أنفسهم قبلوا ذلك الإلزام والتزموه، فصح من هذا الوجه إضافة العهد إليهم.
القول الثاني: أن يحمل ذلك على الأمور التي يلتزمها المكلف ابتداء من عند نفسه.
واعلم أن هذا العهد إما أن يكون بين العبد وبين الله، أو بينه وبين رسول الله، أو بينه وبين سائر الناس أما الذي بينه وبين الله فهو ما يلزمه بالنذور والإيمان، وأما الذي بينه وبين رسول الله فهو الذي عاهد الرسول عليه عند البيعة من القيام بالنصرة والمظاهرة والمجاهدة وموالاة من والاه ومعاداة من عاداه، وأما الذي بينه وبين سائر الناس فقد يكون ذلك من الواجبات مثل ما يلزمه في عقود المعاوضات من التسليم والتسلم، وكذا الشرائط التي يلتزمها في السلم والرهن، وقد يكون ذلك من المندوبات مثل الوفاء بالمواعيد في بذل المال والإخلاص في المناصرة، فقوله تعالى: {والموفون بِعَهْدِهِمْ إِذَا عاهدوا} يتناول كل هذه الأقسام فلا معنى لقصر الآية على بعض هذه الأقسام دون البعض، وهذا الذي قلناه هو الذي عبر المفسرون فقالوا: هم الذين إذا واعدوا أنجزوا وإذا حلفوا ونذروا وفوا، وإذا قالوا صدقوا، وإذا ائتمنوا أدوا، ومنهم من حمله على قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَّنْ عاهد الله لَئِنْ ءاتانا مِن فَضْلِهِ} [التوبة: 75] الآية. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)}.
أخرج ابن أبي حاتم وصححه عن أبي ذر أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإِيمان فتلا {ليس البر أن تولوا وجوهكم} حتى فرغ منها، ثم سأله أيضًا فتلاها، ثم سأله فتلاها وقال: وإذا عملت حسنة أحبها قلبك، وإذا عملت سيئة أبغضها قلبك.
وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده وعبد بن حميد وابن مردويه عن القاسم بن عبد الرحمن قال: جاء رجل إلى أبي ذر فقال: ما الإِيمان؟ فتلا عليه هذه الآية: {ليس البر أن تولوا وجوهكم} حتى فرغ منها. فقال الرجل: ليس عن البر سألتك. فقال أبو ذر: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عما سألتني، فقرأ عليه هذه الآية فأبى أن يرضى كما أبيت أن ترضى، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادن. فدنا فقال: المؤمن إذا عمل الحسنة سرته رجاء ثوابها، وإذا عمل السيئة أحزنته وخاف عقابها.
وأخرج عبد الرزاق وابن راهويه وعبد بن حميد عن عكرمة قال: سئل الحسن بن علي مقبلة من الشام عن الإِيمان، فقرأ {ليس البر} الآية.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة قال: كانت اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى قبل المشرق، فنزلت {ليس البر أن تولوا وجوهكم} الآية.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ليس البر أن تولوا وجوهكم} يعني في الصلاة. يقول: ليس البر أن تصلوا ولا تعلموا، فهذا حين تحوّل من مكه إلى المدينة، ونزلت الفرائض وحد الحدود، فأمر الله بالفرائض والعمل بها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: هذه الآية نزلت بالمدينة {ليس البر أن تولوا وجوهكم} يعني الصلاة، تبدل ليس البر أن تصلوا ولكن البر ما ثبت في القلب من طاعة الله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله: {ليس البر} الآية. قال: ذكر لنا أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن البر، فأنزل الله هذه الآية، فدعا الرجل فتلاها عليه، وقد كان الرجل قبل الفرائض إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله ثم مات على ذلك يرجى له في خير، فأنزل الله: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب} وكانت اليهود توجهت قبل المغرب والنصارى قبل المشرق {ولكن البر من آمن بالله} الآية.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: كانت اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى قبل المشرق، فنزلت {ليس البر أن تولوا وجوهكم} الآية.
وأخرج أبو عبيد في فضائله والثعلبي من طريق هرون عن ابن مسعود وأبي بن كعب أنهما قرآ {ليس البر أن تولوا}.
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وابن المنذر عن أبي ميسرة قال: من عمل بهذه الآية فقد استكمل الإِيمان {ليس البر} الآية.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر} ما ثبت في القلوب من طاعة الله.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال: في قراءتنا مكان ليس البر أن تولوا ولا تحسبن أن البر.
أما قوله تعالى: {ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين}.
أخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن أبي حاتم والآجري في الشريعة واللالكائي في السنة وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن عمر بن الخطاب «أنهم بينما هم جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل يمشي، حسن الشعر عليه ثياب بياض، فنظر القوم بعضهم إلى بعض ما نعرف هذا وما هذا بصاحب سفر! ثم قال: يا رسول الله آتيك؟ قال: نعم فجاءه فوضع ركبتيه عند ركبتيه ويديه على فخذيه فقال: ما الإِسلام؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، قال: فما الإِيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، ولفظ ابن مردويه: أن تؤمن بالله، واليوم الآخر، والملائكة، والكتاب، والنبيين، والجنة، والنار، والبعث بعد الموت، والقدر كله قال: فما الإِحسان؟ قال: أن تعمل لله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك قال: فمتى الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل! قال: فما أشراط ها؟ قال: إذا العراة الحفاة العالة رعاء الشاء تطاولوا في البنيان، وولدت الإِماء أربابهن، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بالرجل فطلبوه فلم يروا شيئًا، فمكث يومين أو ثلاثة ثم قال: يا ابن الخطاب أتدري من السائل كذا وكذا؟ قال: الله ورسوله أعلم! قال: ذاك جبريل جاءكم ليعلمكم دينكم».
وأخرج أحمد والبزارعن ابن عباس قال: «جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسًا، فأتاه جبريل فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعًا كفيه على ركبتي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله حدثني عن الإِسلام؟ قال: الإِسلام أن تسلم وجهك لله عز وجل، وأن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله قال: فإذا فعلت ذلك فقد أسلمت قال: يا رسول الله حدثني عن الإِيمان؟ قال: الإِيمان أن تؤمن بالله، واليوم الآخر، والملائكة، والكتاب، والنبيين، والموت، والحياة بعد الموت، وتؤمن بالجنة، والنار، والحساب، والميزان، وتؤمن بالقدر كله خيره وشره قال: فإذا فعلت ذلك فقد آمنت قال: يا رسول الله حدثني ما الإِحسان؟ قال: الإِحسان أن تعمل لله كأنك تراه فإن لا تراه فإنه يراك».
وأخرج البزار عن أنس قال: «بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس مع أصحابه إذا جاءه رجل ليس عليه ثياب السفر يتخلل الناس حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضع يده على ركبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد ما الإِسلام؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان، وحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا قال: فإذا فعلت فأنا مؤمن؟ قال: نعم قال: صدقت قال: يا محمد ما الإِحسان؟ قال: أن تخشى الله كأنك تراه فإن لم تره فإنه يراك قال: فإذا فعلت ذلك فأنا محسن؟ قال: نعم قال: صدقت قال: يا محمد متى الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل! وأدبر الرجل فذهب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليّ بالرجل، فاتبعوه يطلبونه فلم يروا شيئًا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك جبريل جاءكم ليعلمكم دينكم».
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة وأبي ذرٍّ قالا: «إنا لجلوس ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في مجلسه محتب إذ أقبل رجل من أحسن الناس وجهًا، وأطيب الناس ريحًا، وأنقى الناس ثوبًا، فقال: يا محمد ما الإِسلام؟ قال: أن تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت، وتصوم رمضان، قال: فإذا فعلت هذا فقد أسلمت؟ قال: نعم قال: صدقت فقال: يا محمد أخبرني ما الإِيمان؟ قال: الإِيمان بالله، وملائكته، والكتاب، والنبيين، وتؤمن بالقدر كله قال: فإذا فعلت ذلك فقد آمنت؟ قال: نعم قال: صدقت».
وأخرج أحمد والنسائي عن معاوية بن حيدة قال: «قلت يا رسول الله ما الذي بعثك الله به؟ قال: بعثني الله بالإِسلام! قلت: وما الإِسلام؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة».
أما قوله تعالى: {وآتى المال على حبه}.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {وآتى المال} يعني أعطى المال {على حبه} يعني على حب المال.
وأخرج ابن المبارك في الزهد ووكيع وسفيان بن عيينة وعبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن مسعود {وآتى المال على حبه} قال: يعطي وهو صحيح شحيح يأمل العيش ويخاف الفقر.
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود مرفوعًا. مثله.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن المطلب «أنه قيل: يا رسول الله ما آتى المال على حبه فكلنا نحبه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تؤتيه حين تؤتيه ونفسك حين تحدثك بطول العمر والفقر».
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن حبان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح تأمل البقاء وتخشى الفقر ولا تمهل، حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا إلا وقد كان لفلان».
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مثل الذي ينفق أو يتصدق عند الموت مثل الذي يهدي إذا شبع».
أما قوله تعالى: {ذوي القربى}.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {ذوي القربى} يعني قرابته.
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح».
وأخرج أحمد والدارمي والطبراني عن حكيم بن حزام «أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصدقات أيها أفضل؟ قال: على ذي الرحم الكاشح».
وأخرج أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم وصححه عن ميمونة أم المؤمنين قالت «أعتقت جارية لي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما إنك لو أعطيتها بعض أخوالك كان أعظم لأجرك».
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن ابن عباس «أن ميمونة استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في جارية تعتقها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيها أختك ترعى عليها وصلي بها رحمًا، فإنه خير لك».
وأخرج ابن المنذر عن فاطمة بنت قيس «أنها قالت: يا رسول الله إن لي مثقالًا من ذهب قال: اجعليها في قرابتك».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه والحاكم والبيهقي في سننه عن سلمان بن عامر الضبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم إثنتان، صدقة وصلة».
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتجزئ عني من الصدقة النفقة على زوجي وأيتام في حجري؟ قال: لك أجران: أجر الصدقة، وأجر القرابة».
أما قوله تعالى: {وابن السبيل}.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: ابن السبيل هو الضيف الذي ينزل بالمسلمين.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال: ابن السبيل الذي يمر عليك وهو مسافر.
أما قوله تعالى: {والسائلين}.
أخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله: {والسائلين} قال: السائل الذي يسألك.
وأخرج أحمد وأبو داود وابن أبي حاتم عن الحسين بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للسائل حق وإن جاء على فرس».
وأخرج ابن عدي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اعطوا السائل وإن كان على فرس».
وأخرج ابن أبي شيبة عن سالم بن أبي الجعد قال: قال عيسى بن مريم: للسائل حق وإن جاء على فرس مطوّق بالفضة.
وأخرج ابن سعد والترمذي وصححه وابن خزيمة وابن حبان من طريق عبد الرحمن بن بجيد عن جدته أم بجيد وكانت ممن تابع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها قالت «يا رسول الله إن المسكين ليقوم على بابي فما أجد شيئًا أعطيه إياه؟! فقال لها: إنْ لم تجدي إلا ظلفًا محرقًا فادفعيه إليه» ولفظ ابن خزيمة: «ولا تردي سائلك ولو بظلف».
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد من طريق عمرو بن معاذ الأنصاري عن جدته حواء قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ردوا السائل ولو بظلف محرق».
وأخرج ابن أبي شيبة عن حميد بن عبد الرحمن قال: كان يقال: ردوا السائل ولو بمثل رأس القطاة.
وأخرج أبو نعيم والثعلبي والديلمي والخطيب في رواة مالك بسند واه عن ابن عمر مرفوعًا «هدية الله للمؤمن السائل على بابه».
وأخرج ابن شاهين وابن النجار في تاريخه عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلكم على هدايا الله عز وجل إلى خلقه؟ قلنا: بلى قال: الفقير هو هدية الله قبل ذلك أو ترك».
قوله تعالى: {وفي الرقاب}.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {وفي الرقاب} يعني فكاك الرقاب.
أما قوله تعالى: {وأقام الصلاة وآتى الزكاة}.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {وأقام الصلاة} يعني وأتم الصلاة المكتوبة {وآتى الزكاة} يعني الزكاة المفروضة.
وأخرج الترمذي وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عدي والدارقطني وابن مردويه عن فاطمة بنت قيس قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «في المال حق سوى الزكاة، ثم قرأ {ليس البر أن تولوا وجوهكم} الآية».
وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل في المال حق بعد الزكاة؟ قال: «نعم تحمل على النجيبة».
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي: أنه سئل هل على الرجل في ماله حق سوى الزكاة؟ قال: «نعم وتلا هذه الآية: {وآتى المال على حبه ذوي القربى} إلى آخر الآية».
وأخرج عبد بن حميد عن ربيعة بن كلثوم قال: حدثني أبي قال لي مسلم بن يسار: إن الصلاة صلاتان، وإن الزكاة زكاتان، والله إنه لفي كتاب الله أقرأ عليك به قرآنًا. قلت له: اقرأ. قال: فإن الله يقول في كتابه {ليس البر أن تولوا وجوهكم} إلى قوله: {وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} فهذا ما دونه تطوّع كله {وأقام الصلاة} على الفريضة {وآتى الزكاة} فهاتان فريضتان.
أما قوله تعالى: {والموفون بعهدهم إذا عاهدوا}.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {والموفون بعهدهم إذا عاهدوا} قال: فمن أعطى عهد الله ثم نقضه فالله ينتقم منه، ومن أعطى ذمة النبي صلى الله عليه وسلم ثم غدر بها فالنبي صلى الله عليه وسلم خصمه يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {والموفون بعهدهم إذا عاهدوا} يعني فيما بينهم وبين الناس.
أما قوله تعالى: {والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس}.
أخرج وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال: {البأساء والضراء} السقم {وحين البأس} حين القتال.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال: كنا نحدث أن البأساء البؤس والفقر، وأن الضراء السقم والوجع، وحين البأس عند مواطن القتال.
وأخرج الطستي عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق سأله عن البأساء والضراء قال: البأساء الخصب، والضراء الجدب. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول زيد بن عمرو:
إن الإِله عزيز واسع حكم ** بكفه الضر والبأساء والنعم

أما قوله تعالى: {أولئك الذين صدقوا} الآية.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {أولئك} يعني الذين فعلوا ما ذكر الله في هذه الآية هم الذين صدقوا.
وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله: {أولئك الذين صدقوا} قال: تكلموا بكلام الإِيمان، فكانت حقيقته العمل صدقوا الله قال: وكان الحسن يقول: هذا كلام الإِيمان وحقيقته العمل، فإن لم يكن مع القول عمل فلا شيء.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي عامر الأشعري قال: قلت يا رسول الله ما تمام البرِّ قال: «تعمل في السر عمل العلانية».
وأخرج ابن عساكر عن إبراهيم بن أبي شيبان قال: سألت زيد بن رفيع فقلت: يا أبا جعفر ما تقول في الخوارج في تكفيرهم الناس؟ قال: كذبوا بقول الله عز وجل: {ليس البر أن تولوا وجوهكم} الآية. فمن آمن بهن فهو مؤمن ومن كفر بهن فهو كافر. اهـ.